jeudi 24 décembre 2009

tarik al habib التنويم المغناطيسي

التنويم المغناطيسي (HYPNOSIS)


لعله بمناسبة حديثنا عن الإيحاء ـ والذي ربما يطلق عليه تجاوزاً في بعض صوره مصطلح التنويم المغناطيسي ـ أن نأخذ نبذة موجزة عنه وأن نحاول أن نربط ذلك بما سبق الحديث عنه. تعريف التنويم المغناطيسي: هو الحالة التي يكون فيها الفرد في وضع يستجيب فيه للإيحاءات الملائمة من خلال حدوث تغيرات في إدراكه الحسي أو ذاكرته أو مزاجه. والتنويم حالة تشبه النوم لكنها تختلف عنه فـي قابلية المنوَّم للإيحاء، وتأثير المنوِّم (المعالج) علىنفسه وجسده تأثيراً يتعدى الحدود الطبيعية حيث ينحصر انتباه المريض كلياً فـيما يمليه عليه المنوم من خلال حديثه معه .
نبذة تاريخية عن التنويم المغناطيسي:
تعود بدايات العلاج بالتنويم إلى أبي الطب المصري القديم (أمحوتب) وذلك سنة 2850 قبل الميلاد؛ حيث كان يستخدم فـي مدرسته الطبية ومستشفاه بمدينة «منف» طريقة تشبه الإيحاء للوصول إلى المخزن السري ـ العقل الباطن ـ بأن يترك مرضاه ينامون سواءً كان نوماً طبيعياً أو فـي أعقاب تناول النباتات المخدرة، ثم يجعل الكهان يرددون على أسماع هؤلاء المرضى النائمين عبارات إيحائية لتتسلل إلى أحلامهم وتلعب دوراً إيحائياً فـي حفزهم على التعافي من أمراضهم التي يعانون منها.
وفي اليونان اشتهرت بعض المؤسسات المتصلة بمعبد اسكولاب (ESCULAP) إله الطب عندهم بمعالجة المرضى بواسطة الرقاد, وكان يتم ذلك بواسطة وضع المريض اصطناعياً بحالة نعاس كلي فيصبح شديد التأثر بالإيحاء مما يساعد على الشفاء. وبعد تلك البدايات الواعدة لهذا العلم تسنم شأنه وتولى زمام أمره ـ فيما بعد ـ الدجلة والمشعوذون، ولذلك فقد خلطوه بالسحر والخرافات. ثم عاد العلاج بالتنويم ليحتل مكانته عندما نشأت فكرة المغناطيسية البشرية على يد الطبيب السويسري (باراسيلسوس) (Paracelsus)(1493 ـ 1541م) الذي كان يؤمن بأن النجوم من خلال طبيعتها المغناطيسية تؤثر في البشر. ولقد استنتج من ذلك ـ حسب اعتقاده ـ أن أي مغناطيس يمكن أن يؤثر في الجسم البشري من خلال تلك الانبعاثات الغير مرئية التي تصدر من المغناطيس. وبعد ذلك بعدة عقود من الزمن أضاف ( فان هلمونت)(Van Helmont) 1577ـ 1644م مفهوم المغناطيسية الحيوانية، والتي يرى بأنها تنبعث من الجسم البشري ذاته فتؤثر في أجسام وعقول الآخرين. ولقد أدى ذلك إلى انتشار المعالجين المغناطيسيين في أوربا لفترة طويلة، والذين قد حقق بعضهم نجاحاً ملحوظاً في بعض الحالات التي عالجوها مما أدى بالتالي إلى انتشار تلك الطريقة العلاجية وإقبال المرضى عليها بشكل كبير. ورغم ما حققه بارسيلسوس وفان هلمونت إلا أن التاريخ الحديث للعلاج بالتنويم المغناطيسي ينسب البدايات الحقيقية لهذا العلاج إلى الطبيب النمساوي فرانز أنطون ميسمر (1734ـ 1815م) الذي كان يعمل في فرنسا, وكان متخصصاً في دراسة تأثير الأجرام السماوية على الحياة البشرية إلا أنه فيما بعد أصبح مهتماً بدراسة ظاهرة المغناطيسية. ولقد لاحظ ميسمر أن تعريض المريض للمغناطيس يؤدي إلى تخفيف شكواه بدرجة كبيرة، لكنه اكتشف فيما بعد أن المغناطيس لم يكن ضرورياً لحدوث ذلك الأثر العلاجي، فقد كان يكفيه أن يحدث ذات التأثير من خلال لمس المريض أو لمس الماء الذي يجلس فيه المريض بواسطة قضيب من الحديد. ومن ذلك فقد استنتج ميسمر بأن القوة لم تكن في المغناطيس وإنما في ذاته، مما أدى إلى قناعته بما يُسمّى «المغناطيسية الحيوانية» والتي يرى بأنها عبارة عن سائل غير مرئي يستطيع أن يختزنه في جسده وأن ينقله إلى الآخرين.


Partager

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire