mercredi 23 décembre 2009

حكاية القدس

حكاية القدس
2009-11-05
برنامج رجال من حول بيت المقدس
الحلقة : حكاية القدس بتاريخ 2009-10-04
د. رائد فتحي
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين حتى يرضى والحمد لله رب العالمين إذا رضي والحمد لله بعد الرضا
وسلام على عباده الذين اصطفى لاسيما نبينا المصطفى ومن بسنته وأثره اقتدى
أسرى به ربه ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومنه إلى السموات العلى ومنه إلى سدرة المنتهى فجاوز فكان قاب قوسين أو أدنى
أما بعد أحبتي في الله يا أحباب الأقصى وحماة النصرة في كل مكان
ها نحن نلتقي معكم في لقاء جديد حول أناس وطئت أقدامهم بل قبل أن أقول أناس وطئت أقدامهم ثرى بيت المقدس فإن أقول أننا نتكلم عن أناس ونكون مع رجال سابقتهم قلوبهم إلى بيت المقدس وسابقتهم أرواحهم إلى بيت المقدس شغفاً وحباً وعشقاً وولاءً ووفاءً وانتماءً
سنكون مع كوكبة نيرة وسنكون مع الكلام عن الأنبياء ونذكر أن بيت المقدس هي أرض الأنبياء
وأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال سميت بيت المقدس لأنه ما من نبي إلا وقد أتى بيت المقدس أو كأقل تقدير ما من نبي من أنبياء بني إسرائيل إلا وقد أتى بيت المقدس
لذلك سميت هذه الأرض بيت المقدس أرض الطهارة
سنكون مع كوكبة من الأنبياء نتكلم عن علاقة الأنبياء مع بيت المقدس على أن يبارك الله جل وعلا لنا في لقاءات أخرى ونفصل الكلام في علاقات الأنبياء مع هذه الأرض الطيبة المباركة
لكن بعد أن ننتقل عن الكلام عن الأنبياء إن شاء الله جل وعلا سنتكلم بإشراقةٍ وضيئةٍ نيرةٍ حول علاقة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم مع هذه الأرض الطيبة المباركة بعد ذلك بعد أن نتكلم عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلاقته مع هذه الأرض كيف قلوبنا بهذه الأرض كيف ربط أرواحنا بهذه الأرض كيف ربط ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بهذه الأرض لما أقول ماضينا أقصد ماضينا كمسلمين فإن حركة الإسلام تبدأ بنبي الله بآدم عليه السلام ولا تنتهي إلا بأن ترفع رايات التوحيد من جديد عبر هذه المسجد الأقصى المبارك بإذن الله جل وعلا
ثم بعد ذلك سنكون مع كوكبة من نجوم الإسلام سنكون مع قافلة عظيمة من أعلام الإسلام الذين لا أقول إن القدس قد تشرفت بهم بقدر ما أنهم تشرفوا أنهم جاؤوا القدس
وإن كان سلمان الفارسي قد كتب لأبي الدرداء يقول له أما بعد إنما الأرض لا تقدس أهلها إنما ما يقدس المرء عمله الصالح
سنكون مع كوكبة من العلماء أيضاً بإذن الله جل وعلا
في لقائي معكم بإذن الله جل وعلا يقول لكل القلوب العاشقة يقول لكل القلوب الهائمة إلى هذه الديار إلى هذه الأرض إلى هذا السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك الذي وقف عليه يوماً من الأيام عبادة ابن الصامت رضي الله عنه وأرضاه ثم جعل يبكي ويقول : (( عندما سأله الصحابة ما يبكيك يا صاحب رسول الله فقال لقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم هاهنا ثم قال من هنا يصدر الناس إلى محشرهم ))
القدس حكاية كل عاشق آية بل آيات في القرآن حتى قال كذا واحد من العلماء ما من بلد ما من أرضٍ ما من مصرٍ ذكر في القرآن كما ذكر بيت المقدس
حتى مكة المكرمة على عظيم قدرها وعلى تشريفها وعلى تكريمها وعلى حرمتها ما تردد ذكرها في القرآن كما تردد ذكر هذه الأرض الطبية المباركة
ولعل السبب في ذلك هي أنها إلى قيام الساعة هي أرض صراعات ما بين أصحاب الحق أصحاب العدل والتوحيد وما بين أصحاب الظلم والبطش والكفر والإلحاد
بيت المقدس إذاً هي مؤول الأنبياء بدأت مع نبينا آدم عليه السلام لذلك اختلف العلماء في أول من بنى بيت المقدس
قيل أن أول من بنى بيت المقدس هم الملائكة وقيل أن أول من بنى بيت المقدس هو آدم عليه السلام
وقيل في ذلك أقوال أخرى وكلها ضعيفة
فإذاًً الراجح عند أهل العلم أن أول من بنى هذا المسجد المبارك أن أول من بنى هذه القبلة الأولى التي صلى إليها الأنبياء كانت قبلة للأنبياء ما بين موسى وما بين حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي القبلة الأولى وثانِ بني لله في الأرض وهو مسجد بنته الملائكة أو بناه الأنبياء وأرجح الأقوال أن الذي بنى المسجد هم الملائكة نعم هم الذين وضعوا الأساسات لهذا المسجد الذي ترونه
فإن حديث الإمام البخاري عن أبي ذرٍ وعن أبي هريرة لما سأل الله تعالى رضي الله عنه يا رسول الله أي مسجدٍ وضع في الأرض أولا قال المسجد الحرام قيل ثم أي قال المسجد الأقصى قيل كم بينهما قال أربعين عاماً
فإذا كان جمهور أهل العلم على أن من بنى المسجد الحرام هم الملائكة وبين المسجد الحرام وبين المسجد الأقصى أربعين عاماً فمعنى ذلك أن من بنى المسجد الأقصى هو ذاته من بنى المسجد الحرام
ومعنى ذلك أن الملائكة هم الذين بنوا المسجد الأقصى
فيا كل المسلمين في كل الدنيا إن مسجدكم الذي يقع على ثرى بيت المقدس إن مسجدكم في أرض فلسطين مسجد ضاربٌ في عمق التاريخ مسجد لا يعود تاريخه إلى عهد آدم عليه السلام بل إلى ما قبل عهد آدم عليه السلام
مسجد لا يعود تاريخه إلى نبينا وحبيبنا وعظيمنا محمد صلى الله عليه وسلم بل يعود لأكثر من ذلك
يعود تاريخ هذا المسجد إلى ملائكة الرحمن جل وعلا يوم أن وضعوا أثاثاته ويوم أن وضعوا قواعده في الأرض الأمة حتى تعلم الأمة أن لها قبلة تتوجه إليها وأن لها مسجداً تصلي فيه
فكان آدم عليه السلام أن جاء لهذا المسجد بل ذكر المرجى رحمة الله عليه في فضائل البيت المقدس وذكره الواسطي وذكره غير واحد من أهل العلم أن آدم عليه السلام مدفون في مكان قريب ما بين خليل الرحمن ما بين مدينة الخليل وما بين بيت المقدس بل ذهب كثير منهم أنه مدفون قريب من قبة الصخرة في داخل المسجد الأقصى المبارك
ثم بعد ذلك تواتر أنبياء الله جل وعلا في هذه الأرض وأنا لا أريد أن أستفيض في هذا الموضوع لأن مرادي معكم أن أنتقل من الأنبياء إلى أن نصل إلى علمائنا والصحابة الكرام الذين روت دماؤهم هذه الأرض الكريمة الطيبة المباركة
أقول بعد ذلك تواتر أنبياء الله جل وعلا تترا على هذه الأرض ولعل من نافلة القول ونافلة القول تذكر أن نقول أن أغلب أنبياء بني إسرائيل قد أتوا إلى هذه الأرض الطيبة المباركة
حتى إن القرآن الكريم قد ردد ذكرها باسمين غالباً إما أن ينادينها باسم المباركة كما ورد ذلك بثلاثة مواضع في القرآن الكريم وإما أن يسميها الأرض المقدسة كما ورد ذلك في موضع
كما سماها القرآن الكريم ربوة ذات قرار ومعين و وقال التين والزيتون وما إلى ذلك من الآيات التي كان قد فصل فيها العلماء الكلام تفصيلاً
أقول بعد ذلك توالى أنبياء الله جل وعلا مجيئاً إلى هذه الأرض الطيبة المباركة
فكانت هجرة نبي الله إبراهيم عليه السلام من كوث العراق إلى بئر السبع هنا في أرض فلسطين في الجنوب ومن هناك جاء إلى هنا إلى أرض بيت المقدس وقال الله جل وعلا في القرآن قال
( {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (71) سورة الأنبياء )
هذه الأرض أرض مباركة للعالمين ولذلك فإن الفرق بين هذا الباب ما بين مكة المكرمة وما بين المسجد الأقصى ما بين بيت المقدس أن مكة حرم كلها ومكة لا يدخلها إلا مسلم ومكة للمؤمنين ومكة لا يعرض شوكها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف
أما هذه الأرض إنها أرض بركات إنها أرض جنات إنها أرض الزيتون إنها أرض التين إنها أرض العنب إنها أرض الثمرات والبركات إنها أرض طيبة مباركة ماضية أنهاراً مادة بل ماضية رياحين إلى يوم القيامة بإذن الله جل وعلا
فكانت أرض التنجية وكانت أرض الخلاص ونجا الله سبحانه وتعالى نبي الله إبراهيم عليه السلام من كوث العراق إلى أن جاء به إلى فلسطين وإلى أرض بيت المقدس
وباعتراف العهد القديم فإن الذي لقي إبراهيم عليه السلام في هذه الأرض هو ملكي صادق باعتراف العهد القديم وهو رجل صالح وكان ملك قبائل يبوث وقبائل يبوث كما هو معروف ومعلوم ومتفق عليه عند علماء التاريخ هي قبائل عربية كنعانية فمعنى ذلك أن ملك العرب الكنعانيين اليبوثيين الذي كان في فلسطين أو في بيت المقدس تحديداً كان رجلاً صالحا فالتوحيد كان في بيت المقدس حتى قبل نبي الله إبراهيم عليه السلام وإن كنا أولى الناس بإبراهيم لأن الله تعالى يقول {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} (68) سورة آل عمران
وكذلكم أيضاً إن أول من سكن بيت المقدس هم العرب ثم جاء إبراهيم عليه السلام وجاء معه جاء لوطاً عليه السلام وبعد ذلك أبناؤه إسحاق وبعد ذلك يعقوب ثم بعد ذلك الأسباط ومنهم يوسف عليه السلام بعد قصة يوسف عليه السلام الكاملة في القرآن الكريم التي فصلها القرآن بأبدع وأجمل وأبلغ ما يمكن أن تكون البلاغة
والإبداع القرآني قصصاً وعظةً وما إلى ذلك
ينتقل نبي الله يوسف عليه السلام إلى الجب إلى البئر ومن هناك إلى مصر وفي مصر هناك ينتظر أهله حتى يأتوا إلى مصر ويقول الحمد لله الذي جاء بكم من البدو ومع ذلك فإن الحاكم في مستدركه قد ذكر أن يوسف عليه السلام كان قد أخذ موثقه على بني إسرائيل بأن لا يدخلوا الأرض المقدسة إلا برفاته هذه الرواية رواها الحاكم في مستدركه وصححها ووافقه الذهبي وعليه جمع من العلماء أجمعوا أن هذا الحديث صحيح
فإن بني إسرائيل لما تاهوا عاد موسى عليه السلام إلى قومه فقال يا قومي إن يوسف كان قد أخذ عليكم موثقاً من الله ألا تدخلوا الأرض المقدسة إلا برفاته وإنكم لن تدخلوا الأرض إلا برفاته فمن يدلنا على رفاته فما كان أحد يعلم مكان رفات أي جسد سيدنا يوسف عليه السلام إلا عجوز من عجائز بني إسرائيل قالت أنا يا نبي الله ولا أدلك إلا أن أكون رفيقتك في الجنة وهذا من كمال الإبداع هذا من كمال حسن تجارة العجائز وهذا من كمال إيمان العجائز وإبداع العجائز وفطرة العجائز ويا ليتنا جميعنا حقيقة نتعلم من هذه القصة
فقالت أنا أدلك عليه على أن أكون رفيقتك في الجنة
فعجب نبي الله موسى عليه السلام ألا تكوني رفيقتي في الجنة على أن ترشديني على موقع رفات يوسف عليه السلام لابد أنني أن هذا الأمر كثير فرغب موسى عليه السلام إلى ربه تعالى فأوحى الله إليه أن يا موسى لتدلك على رفات يوسف وتكن معك في الجنة فدلتهم على رفات يوسف ثم حملوا يوسف عليه السلام معهم إلى أرض بيت المقدس وهذا يدلك على حرص الأنبياء كان على أن يبقوا في بيت المقدس لئن لم يكونوا أحياءً فإنما أن يكونوا أيضاً أمواتاً وبذلك فإن نبي الله يوسف يعود إلى بيت المقدس ثم تتوالى قصص أنبياء بني إسرائيل أو الأنبياء كاملين بعد الفاصل إن شاء الله جل وعلا أكمل بومضةٍ مع الأنبياء الذين زاروا بيت المقدس على أن نصل في اللقاءات القادمة إلى علماء الأمة الكرام والدعاة والمجاهدين الذين رووا هذه الأرض والسلام عليكم ورحمة الله
بعد الفاصل :
مرة أخر ى السلام عليكم أحبتي في الله يا حماة النصرة ويا عشاق الأقصى يا كل هذه القلوب الهائمة شوقاً إلى هذه الأرض المباركة وإلى هذا المسجد الطيب العظيم
مرة أخرى أعود معكم وأذكركم أن أنبياء الله جلا وعلا قد جيء بهم إلى هذه الأرض وسر عظيم طلسم وسر إلهي يتفرد بجلاله يتفرد بذاته بهذا السر
لماذا يؤتى بكل الأخيار لماذا يؤتى بكل الصالحين لماذا يؤتى بالأنبياء لماذا يؤتى بالصديقين لماذا تسيل دماء أكثر من خمس وعشرون ألف صحابي في أرض بيت المقدس لماذا هذا التعلق لماذا هذا الترابط العظيم لماذا اللحمة النبوية لماذا اللحمة العقدية مع هذه الأرض الطيبة المباركة
هذا سؤال أبثه وأتركه لكم لكل الذين تاهت قلوبهم حباً مع هذه الأرض لكم في كل مكان في طول الأرض وعرضها أذكركم أننا في أرض وأننا هنا نقف على أرض هي أرض الأنبياء على أرضٍ إلا ووطئتها قدم نبي وما من موضع إلا وقد جلس فيه نبي وحدث فيه نبي أو وعظ فيه نبي أو بلغ فيه نبي من أنبياء الله جل وعلا
والحقيقة القائمة طويلة جداً وأنا لا أريد أن أستفيض فيها ولكن أنا أريد أن أقول أنه بعد عودة النبي يوسف عليه السلام فإن أنبياء الله جل وعلا تتراً كانوا قد أقاموا في هذه الأرض مروراً بذكريا عليه السلام ويحيى ومريم البتول كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لكِ هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
نعم أحبتي في الله هنا في هذه الأرض تحققت هذه الكرامات إن الله يرزق من يشاء بغير حساب
هنا في هذه الأرض حملت مريم عليها السلام هنا في هذه الأرض فانتبذت من أهلها مكاناً قصيا فجاءها المخاض إلى جذع النخلة هنا في هذه الأرض تمثل لها جبريل عليه السلام بشراً سويا هنا في هذه الأرض حملت بالمسيح عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا الصلاة والسلام هنا في هذه الأرض ولد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام هنا في هذه الأرض نشأ عيسى ابن مريم كلمة الله وروحه هنا في هذه الأرض
أيضا كان كليم الرحمن قد أوصى أن يصل إلى الأرض المقدسة فسأل الله كما في حديث الإمام مسلم أن يدنيه الله من الأرض المقدسة رمية بحجر أي بمقدار رمية بحجر من الأرض المقدسة وقال النبي صلى الله عليه وسلم فلو كنت ثم لأريتكم قبره فلو كنت ثم لأريتكم قبره وهو عند الكثيب الأحمر وقد تكلم العلماء رحمهم الله كثيراً في موضع الكثيب الأحمر كلاماً طويلاً ليس موضع بسطه إنما العبرة أن نبي الله وأن كليم الله موسى عليه السلام وهو كليم الرحمن جل وعلا ماذا ينقص نبي الله موسى عليه السلام وهو كليم الرحمن جل وعلا وهو من هو ومكانته ما هي مكانته ومقامه ما هو مقامه عند ربه جل وعلا في أخر أيامه ما الذي يجعل موسى عليه السلام أن يسأل ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة بمقدار رمية حجر هذا كلام جميل هذا كلام عظيم هذا كلام يستحق منا أن نقف عنده
وأن نتساءل وأن نقول سبحان الله العلي العظيم هذا نبي الله علي السلام يسأل الله أن يدنيه
فلماذا تجافت قلوب الأمة عن هذه الأرض لماذا قلوب الأمة اليوم لا تسأل الله أن يجمع ما بينها وما بين هذا المسجد
لماذا أرواح الأمة اليوم لا تتعلق بهذا المسجد لماذا لا نشعل قناديل المسجد الأقصى بأرواحنا حباً بأرواحنا شوقاً بأرواحنا عشقاً لماذا لا نطير إليه لماذا لا ننتمي إليه لماذا أنبياء الله وهم على علو كعبهم وعظيم قدرهم ومكانتهم عند الله جل وعلا وفي جنان خلد الله تبارك وتعالى يسألون ربهم جل ثناؤه أن يدنيهم من الأرض المقدسة المباركة
بعد ذلك سنسمع أن أبا عبيدة ابن عامر ابن الجراح رضي الله عنه وأرضاه يسأل الله أن يدفن إلى الجانب الغربي من نهر الأردن حتى يكون داخل الأرض المقدسة وبعد ذلك حتى لا تكون سنة في الأمة من بعده يحجم عن ذلك وبعد ذلك أمثلة ونماذج أخرى كثيرة
الذي أريد أن أقوله في هذا المضمار وفي هذا الباب أن موسى عليه السلام سأل الله ولو ميتاً أن يحمل إلى الأرض المقدسة وبعد ذلك الأرض المقدسة يتنكر أصحابها لدين الله ويتنكر أصحابها لمعاني التوحيد
فيمر المسيح عليه السلام من عند هذه الأرض ويقول لها يا قدس أو يا أوشليم يا راجمة الأنبياء وقاتلة المرسلين هنا المسيح عليه السلام كان يتطوف في هذه الديار وكان يتجول في هذه الأرض المباركة
هنا روح الله وكليم الله المسيح بن مريم عليه السلام كان هاهنا وفي أخر الزمان أيضاً ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق فمنهم من قال إن المنارة البيضاء هي شرقي دمشق فعلاً وهذا حديث مسلم ومنهم من قال أن المنارة البيضاء هي منارة لابد أن تبنى ولو في أخر الزمان هنا في بيت المقدس ينزل عليها المسيح عيسى بن مريم عليه السلام
هب أن المسيح قد نزل في دمشق ولم ينزل هنا في الأرض المقدسة فإنه لا محالة باتفاق العلماء آتٍ إلى الأرض المقدسة
فإنه وإن كان ما سأل الله جل وعلا أن يعود إليها ولكنه عائد إليها لا محالة سيعود إلى هذه الأرض بعد أن يحصر المهدي عليه السلام هنا في هذه الأرض مع أصحابه
بعد أن تكون القدس هذه القدس هذه التي تعيش وتعشعش في قلوبنا في أرواحنا في عيوننا يا قدس يا حبيبة القلوب أن خلافة الإسلام القادمة أنت الخلافة الراشدة القادمة بعد أن يكون الإمام المهدي عليه السلام قد ساق جيشه قد ساق جنده قد ساق أولياء الله قد ساق دعاة التوحيد إلى هذه الأرض عند ذلك يحصر في هذه الأرض من أعداء الله
فيأتي المسيح عليه السلام إلى هذه الأرض ويأتي هاهنا بعد أن يكون الدجال قد حصر المهدي وجنده فيدخل نبي الله عيسى بن مريم إلى داخل المسجد الأقصى المبارك إلى هذه الساحات المباركة إلى ساحات المسجد الأقصى المبارك أحد لا يدري من أين يدخل أحد لا يعلم متى يدخل ولكن والله العظيم إن المسيح عيسى بن مريم سيدخل ساحات هذا المسجد المبارك بإذن الله
يا أيها المسجد الأقصى الحزين لا تحزن لئن تنازل عنك في الأمة رجال فإن نبي من أنبياء الله وإن روح الله آتٍ إليك بجسده بروحه بنفسه حتى تقر عيناً وحتى تطمئن نفساً من جديد وحتى ترتفع الاحتفالات وتبتهج النفوس وتهش الوجوه هنا في هذه الأرض الطيبة المباركة فيعود ثم يخرج بعد صلاة الفجر على الدجال ولو تركه لذاب كما يذوب الملح لكنه يلحقه فيدركه فيقتله بباب لدٍ
هذه مقدمة بسيطة عن بيت المقدس عن عمق تعلق الأنبياء ببيت المقدس
ألم يكن نبي الله داوود عليه السلام قد جاء إلى هذه الأرض ألم يكن سليمان عليه السلام قد جاء إلى هذه الأرض
إذاً هذه الأرض هي أرض الأنبياء لذلك قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث صححه جميع أهل العلم
قال : (( لما بنى سليمان بيت المقدس سأل ربه ثلاث صفات سأل ربه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده "أي أن يعطى ملكاً لا يعطى لأحد من بعد" فأعطيه وسأل الله حكماً يصادف حكمه فأعطيه وسأل الله أن لا يأتي هذا المسجد أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أي لا يدفعه لا يبعثه إلا الصلاة فيه إلا خرج منه
يا أحبتي إلا هذا حديث صحيح
لكل الذين زهدت نفوسهم في الصلاة في المسجد الأقصى المبارك
لكل زهدت نفوسهم في أن يعملوا على إعادة بيضة الإسلام وعز المسلمين
وهذا المسجد العظيم الذي ظل زمناً عظيماً مديداً كبيراً رمزاً من رموز الإسلام رمزاً وعلماً على عزة الإسلام ومناعة الإسلام وقوة الإسلام
صدق من قال "إن القدس أشرف من أن تحرر إلا على أيدٍ متوضئة وإن القدس ما كان لها أن تكون في أيدٍ لا تؤمن بالله عز وجل أو تظلم بعضها بعضا"
أقول لكم إذاً يا أحبتي في الله فإنه سأل الله الأمر الثالث الصفة الثالثة سأل الله أن لا يأتي هذا المسجد أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه لا يدفعه إلا خرج منه كيوم ولدته أمه
لذلك العلماء رحمهم الله كان يوصوا أتباعهم إذا أتيتم الشام وأتيتم المسجد الأقصى فأتوه بقصد الصلاة ولا تفعلوا فيه شيئاً إلا الصلاة لبركة هذا الحديث
القدس هي توأمة مكة المكرمة لما يقول الله جل وعلا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء
حتى عرفه قال المسجد الأقصى الذي باركنا حوله إلى المسجد الأقصى المبارك
وذلك قال صلى الله عليه وسلم (( لا تشد الرحال وفي رواية لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا))
لا يمكن أن تشد الرحال عند بعض العلماء قال هذا استثناء مفرغ لا تشد الرحال إلا المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا
المسجد الأقصى إذن هو يعلم الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن شد الرحال يعني هذا من أجمل يا أحبتي في الله

لا أدري عندما تقرأ الأمة هذه الأحاديث عندما نقرأ هذه الأحاديث نحن في المغرب العربي في أقصى القارة الأفريقية في أقصى قارة شرق أسيا في أقصى القارة الأمريكية في أوروبا عندما نقرأ أن ينبغي أن تشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك ألا تتكسر قلوبنا ألا تتقطع أنفسنا ألا تبكي عيوننا
لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد هذا المسجد هو أحدها وهو أثير وهو حزين وهو كثيف وهو في ألم وفي اهٍ وقرحة وجرحة ودموع ودماء وآهات وآلام مازال أبناؤه مازال شيوخه مازال أبناؤنا وأجدادنا مازال الكرام منا يتجرعون الآه والأسى ولكن لابد أن تشد الرحال إليه ولابد أن تعمل المطي إليه
ولابد أنتم يا أيها المسلمين في كل الدنيا أن تعلموا أن أمانة أن نبعث ثلث حديثٍ صحيحٍ من أحاديث النبي هي ليست حية فقط في الأمة هي حية فقط في بعض أجزاء الأمة في هذه الثلة الباقية في هذه الطائفة المنصورة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم (( لا تزال فئة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك قالوا وأين هم يا رسول الله قال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ))
أسأل الله أن نكون وإياكم ممن هم في أكناف هذه الأرض وفي داخلها ممن رضي الله عنهم وأحبهم
الله إنا قد رضينا عنك فأرضى عنا اللهم إن قد أحببناكم فأحبنا اللهم إنا نتشرف أن نكون لك عبيداً فأقبلنا عبيدا
اللهم إنا نعطيك أرواحنا وأموالنا وأنفسنا سخاءً من نفسٍ مطمئنة فتقبلها يا رب العالمين واجعل من كل عين نظرت وكل قلب شاهد يحب الأقصى والمسجد الأقصى المبارك
أحبتي في كل مكان يا حماة النصرة وأحباب الأقصى ألقاكم في موضعي هذا في لقاءٍ قادم إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire