jeudi 24 décembre 2009

dialog avec dr tarik al habib

http://www.prof-alhabeeb.com/flash/habeeb_header.swf
د. طارق الحبيب
قراءة : صالح سليمان"كيف تحاور؟" هو أحد الإصدارات المهمة للدكتور طارق بن علي الحبيب، استشاري وأستاذ الطب النفسي بجامعة الملك سعود بالرياض.. لكن التساؤل الذي طرحه الدكتور الحبيب عنوانا لكتابه يجعلنا نتساءل ما المقصود بالحوار هنا؟ وما علاقة الحوار بالطب وخاصة الطب النفسي؟ واذا كنا نعرف ان الدكتور الحبيب، الى جانب تخصصه في الطب، هو داعية له مشاركات ومساهمات من خلال وسائل الاعلام المختلفة، فهل استطاع المؤلف ان يستفيد من عمله طبيباً نفسياً في مجال الدعوة وان يربط بين العلاج النفسي والعلاج بالقرآن؟الذي لاشك فيه أن الدكتور الحبيب هو أحد الأطباء المتميزين في مجال تخصصه، ويشهد له بذلك المترددون على عيادته وكذلك طلابه في الكلية، ويشهد له أيضا إنتاجه العلمي الذي اعتمد مرجعاً علمياً في بعض الجامعات العربية، ومن هذه المؤلفات: "مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي"، "لمحة موجزة عن تاريخ الطب النفسي في بلاد المسلمين"، و "الطب النفسي المبسط"... وفي كتابه الذى أمامنا "كيف تحاور؟" خرج عن سياق سلسلته المتخصصة في مرحلة جديدة للربط بين الدين والطب في مسائل العلاج والتداوي.المؤلف لم يقسم كتابه الى فصول أو مباحث وانما موضوعات قدم لها بمقدمة وانطلق في كتابتها من المواقف الحوارية التي وردت في القرآن والسنة أو حدثت لبعض الناس، وقد اعتمد المؤلف اسلوب بعض المؤلفين الغربيين، من حيث طريقة توزيع العناوين وعدم التوسع في كل عنوان، واستفاد بشكل خاص من مؤلفات دايل كارنيجي صاحب الكتاب الشهير:"دع القلق وابدأ الحياة".الدكتور الحبيب في كتابه تجنب الايغال في التعريفات والتقسيمات وركز تناوله حول الحوار كأسلوب فني في التعامل مع الناس.وتحت عنوان (بين الحوار والجدل والمناظرة) بين المؤلف ان كل جدل حوار وليس كل حوار جدلاً، لكن ربما تحول الحوار إلى جدل، وقد يجتمعان كما في صدر سورة المجادلة. واذا كان الحوار والمناظرة محمودَيْن في أصلهما فإن الجدل لم يؤمر به ولم يمدح في القرآن على الاطلاق بل جاء مقيداً بلفظ "الحسنى".وتحدث المؤلف بعد ذلك عن آداب الحوار التي يؤدي الالتزام بها إلى كسب الآخرين والتأثير فيهم، وفي مقدمة هذه الآداب:طلب الحق وحسن البيان واختيار الطرف المناسب وعدم الاستئثار بالحديث وتجنب مقاطعة الطرف الآخر والبدء بنقاط الاتفاق بين المتحاورين، واعتماد الأدلة والحجج والبراهين، ويشترط للدليل صحته.كذلك فإن على المتحاور أن يتجنب العجب وألاّ يستنكف أن يقول: "لا أدري، أو لا أعلم" وقد قالها نفر من الصحابة والتابعين على علمهم الغزيز وفضلهم الكبير.ويصل بنا الكاتب الى نقطة مهمة يعالجها في كتابه وهي (الغضب عند التحاور). والغضب بشكل عام صفة ذميمة تؤدي الى عواقب وخيمة وقد تضيع الحق وتبعد الناس عن صاحبها، فالغضب لا يوصل الى اقتناع الخصم وهدايته وانما يكون ذلك بما هو ضد الغضب من الحلم والأناة واللين وكلها من خصال المؤمنين ومن أساليب الحوار الجيدة كما يقول المؤلف.كذلك من أهم صفات المتحاور أن يعترف بالخطأ، وهي صفة نادرة قلما نجدها بين الناس في العصور المتأخرة، فالاعتراف بالخطأ ميزة لا يقدر عليها كل أحد، لكن الصحابة الكرام الذين تربوا على يد الرسول -صلى الله عليه وسلم- تعلموا عدم المكابرة والاعتراف بالخطأ فقد قال عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين: "أخطأ عمر وأصابت امرأة".وعندما سأل رجل علياً -رضي الله عنه- فأجابه قال الرجل:ليس كذلك يأمير المؤمنين ولكن كذا وكذا، فقال رضي الله عنه: (أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي علم عليم).ولو استحضر المتحاورون قوله تعالى:"وفوق كل ذى علم عليم" لأدركوا أن ما عندهم من بضاعة هي قاصرة وأن كل واحد انما يجتهد للوصول للحق فإذا كان الهدف كذلك التزم الجميع بآداب الحوار. وما أكثر ما رُفضت أفكار ورُدَّتْ أطروحات لأن صاحبها لم يحسن عرضها في قالب جيد، حيث تجد بعضهم يقوم بنقض الثوابت لدى الطرف المقابل فجأة وبدون تقديم تدريجي لها، وهنا يفرض القرآن ابتداء آيات الاعجاز الكونية وعظمة خالقها حتى يقرّها في نفوسهم ثم في النهاية يباشرهم بحقيقة الدعوة والوعيد الشديد إن هم أعرضوا.واختيار المقام لإجراء الحوار أمر مهم، فما يصلح الآن قد لا يصلح غداً، وما يقال في هذا المكان قد لايصلح في مكان آخر، وما يروق لزيد ربما ينفر منه عمرو، والخلط بين المقام والمقال مَزْلَقٌ يقع فيه، بخاصة من يكثر الحديث دون حاجة.الكثير من الحوارات الجارية بين الناس يغلب عليها التنظير والسفسطة مع قلة في العمل والفائدة، وهذا ما ينبه إليه الدكتور الحبيب في كتابه مبيناً انه من الخطأ أن يتكلم أحد الطرفين بلغة الواقع عن مشكلة اجتماعية ينشد لها الحل، فيجيبه الطرف الآخر بلغة مثالية مجردة عن أرض الواقع، فالحوار ليس لوناً من ألوان المتعة النفسية واشباع رغبة الانتصار للذات، وانما الحوار لابد ان يستهدف الوصول الى حلول لمشكلات قائمة او إصلاح لواقع معيش..وفي ختام كتابه، ينبه المؤلف الى عدد من المغالطات الحوارية التي تقع عن قصد أو بدون قصد فتسبب توقف الحوار وتسد الطريق أمام استمراره.ومن هذه المغالطات الحوارية:الغموض الذى يفتعله البعض في حواراتهم، وكذلك الانصراف عن موضوع الحوار الى شخص المحاور والتقليل من شأنه أو علمه، وصنف من الناس مغرم بإحراق الجزئيات عن طريق عرض الكليات فإذا تحدثت مع احدهم مثلا عن ضرورة الحجاب، استعرض آلام الأمة وأحزانها..! ومن المخالفات أن يظن البعض أن الحوار انما يكون بالاختلاف مع الطرف الآخر. فيتجه بالحوار دائماً الى الاتجاه المعاكس دون التركيز على هدف محدد.ويحسن المؤلف ختام كتابه بإيراد حوار نبوي جاءت به سورة يوسف وهو حوار يوسف عليه السلام مع الفتيين في السجن الذى جاء في نسج منظوم ومبهر، تجلت فيه روعة الحديث عند الطلب والاستفتاء، ولم ينس يوسف - عليه السلام- في هذا الموقف العصيب وهو يتحاور مع الفتيين أن يقوم بواجب الدعوة وان يعرّف بمهمته ومنهجه في الحياة.كتاب "كيف تحاور؟" تظهر أهميته في كل وقت، وفي هذه الايام بوجه خاص، حيث الدعوة قائمة على أشدها للحوار مع الآخر الذى قد يكون مسلماً ضلت قدماه طريق الحق واختلطت عنده المفاهيم بين الصواب والخطأ، وقد يكون هذا الآخر هو غير المسلم الذي يحتاج الى أن نعرفه بأنفسنا وبديننا وقيمنا ومبادئنا وبما عندنا -نحن المسلمين- من رصيد معرفي يجهله هذا الآخر ولم يهتد إليه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire